26
ديسمبر
رثاء الفنان الكبير محمد بكري هادي زاهر
غادرتنا يا محمد مبكرا
في وقت كنا فيه بأمس الحاجة لابتكاراتك
أنت الذي ارتفعت فوق اهتماماتك الخاصة
من أجل الآخرين
أردت أن تترك بصمة على مائدة المحتاجين
وظلا في معاناة المصابين
وأن تكون الرفيق
فهذا يعني أن تصغر من ذاتك ليفسح المجال للآخرين
حملت الكاميرا بغرض التوثيق
لتحتفظ باللحظة كي لا يتلاشى الدم
ولا تُمحى الصرخة
صورت الوجوه المتعبة والأيدي المرتعشة
والأحلام التي تتجاور على الأرصفة
واصلت المسير رغم أن الطرق كانت مزدحمة بالعقبات
لأنك كنت تدرك معاني الالتزام
وأن مهمتك أن تفيق النائمين
كي يقفوا ضد الظلم والاضطهاد
أن تحافظ على الحلم رغم سخرية المتواجدين في الظلام
أن تحمل الرسالة لا كعبء ثقيل على الظهر
أن تحرس المعنى من تآكل الشعارات.
كانوا مملوءين بالأكاذيب والنفاق
لكن خلفك كانوا وجوه الفقراء وصراخ الأمهات
هكذا يتبين الأصدقاء لا من خلال العدد بل بالعزيمة
بالموقف والثبات
اعتقدوا أن زئير طائراتهم سيخيفك
وكونك رفيقًا يعني أن تتولى الرسالة
وأنت تعلم بأنها لن تكافئك
لقد تبعوك بالتهديد وضربوك باتهامات مشينة
لتنال العقاب
لم يفهموا أن الذاكرة أقوى من الرصاص
وظللت ثابتًا لأن الحياد يعد جريمة
والسكوت مرفوض
ظنوا أنك ستأخذ خطوة للوراء
وأن صوتك سيتعثر وأن الحقيقة متداعية
"أنا لا أنساك فلسطين"
أه يا محمد كم كنت أسمعك ترددها مع فيروز
كنت تصرخ قائلاً: إن العصابة هم خارجون عن القانون
مثل غيمة صيف مرت فوق جنين. . جنين
قد ضاقت الآفاق لكن تبقى أفعالك تعكس صدق لهجتك
وانفتح قلبك ليشمل الجميع
لأن الرفيق هو الذي يعرف الانتظار
ويفهم أن النصر قد يتأخر
هكذا كنت تصارع
كانت القضية تمثل صراعك الداخلي
حمّلت الرسالة بقلب لا يقبل المساومة
وأكتاف لا تتكسر
حملت صدرك كدرع والكلمة سيف لا يصدأ
سيطر عليهم الارتجاف
بعد أن وثقت الحقيقة
لأن المجرم ضعيف ويخاف
ويكره النور

